27‏/12‏/2009

شـذرات من روح مصر

(40)

من تعاليم "بتاح حتب" لابنه (2670 ق. م .)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ لا تكونن متكبرا بسـبب معرفتك وشـاور الجاهل والعالم لأن نهاية العلم لا يمكن الوصول إليها .
ـ إن الاسـتماع مفيد للابن الذى يصغى ، والإصغاء أحسـن من أى شـىء ، وإن المسـتمع يحبه الله .
ـ إذا اتُفِقَ أنك كنت من بين الجالسـين على مائدة أكبر منك مقاما فخذ ما يقدم لك حينما يوضع أمامك ، ولا تنظرنَّ إلا إلى ما وضع أمامك ، ولا تصوبنَّ لحظات كثيرة إليه وانظر بمحياك إلى أسـفل إلى أن يحييك وتكلم فقط بعد أن يرحب بك . والرجل العظيم يعطى من بجواره .
ـ إذا أصبحت عظيما بعد أن كنت صغير القدر وصرت صاحب ثروة بعد أن كنت محتاجا فلا تنسـينَّ كيف كانت حالك فى الزمن الماضى ، ولا تتغنَّ بثروتك التى أتت إليك منحة من الإله .
ـ إذا أردت أن يكون خلقك محمودا ، وأن تحرر نفسـك من كل قبيح فاحذر الشـراهة فإنها مرض عضال .
ـ كن طـَلـِقَ الوجه مادمت حيا .
ـ حَصِّل الأخلاق واعمل على نشـر العدالة وبذلك تحيا ذريتك .
ـ أقم العدل وعامل الجميع بالعدالة .

ومن التعاليم التى لـُقـِّنـَت للملك مريكارع (من الأسـرة العاشـرة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ أقم العدل لتوطد مكانتك فوق الأرض ، وواس ِ الحزين ولا تعذبن الأرملة ، ولا تحرمن رجلا ميراث والده ، ولا تضرن الأشـراف فى مراكزهم ، ولا تتولَ العقاب بنفسـك ، فإن ذلك لا يرفعك .
ـ لا تكونن فظا لأن الشـفقة محبوبة ، وأسـس آثارك على حب الناس .

ومن نصائح آنى لابنه خنسـحتب (الأسـرة الثامنة عشـرة تقريبا)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ لا تقعدن إذا كان غيرك أكبر سـنا واقفا .
ـ لا تأكلن الخبز إذا كان هناك آخر يتألم من عدمه دون أن تمد يدك إليه بالخبز ، فواحد غنىٌّ وواحدٌ فقير .
ـ لا تذهين إلى بيت إنسـان بحُرِّية ، بل ادخله فقط عندما يؤذن لك .
ـ اذكر حلو الكلام حينما يُنطـَق بمُره لأى إنسـان .

تعاليم "أمنموبى" لابنه (وعصرها ما بين الأسـرتين 21 ، 22)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ احذر أن تسـلب فقيرا بائسـا وأن تكون شـجاعا أمام رجل مهيض الجناح ولا تمدن يدك لتمس رجلا مسـنا بسـوء .
ـ لا تشـتبكن فى جدال مع أحمق ونم ليلة قبل التكلم .
ـ لا تكونن جشـعا حتى تجد الخير العميم .
ـ لا تزحزحن الحد الفاصل بين الحقول واحذر رب العالمين .
ـ ازرع الحقول حتى يمكنك أن تجد ما تحتاج إليه وتجنى خبزك من حرثك .
ـ لا تندفعن بقلبك وراء الثروة ولا تجهدن نفسـك فى طلب المزيد عندما تكون حصلت بالفعل على حاجتك .
ـ احفظ لسـانك سـليما من الألفاظ الشـائنة .
ـ لا تتكلمن مع إنسـان كذبا فذلك يمقته الله ولا تفصلن قلبك عن لسـانك .
ـ لا تضرن رجلا بجرة قلم على بردية ولا تؤدين شـهادة كذبا ولا تسـتعملن قلمك فى الباطل .
ـ لا تتلاعبن بكفتى الميزان ولا تطففن الموازين ولا تنقصن من أجزاء مكاييل الغلال.
ـ لا تفسـدن رجلا فى قاعة المحكمة .
ـ لا تقبلن هدية رجل قوى ولا تظلمن الضعيف من أجله .
ـ لا تصغين إلى أجوبة شـريف فى بيت ثم تنشـره إلى آخر فى الخارج .
ـ لا تسـخرن من أعمى ولا تهزأن من قزم ولا تفسـدن قصد رجل أعرج .
ـ لا تمنعن أناسـا من عبور النهر عندما يكون فى قاربك مكان ولا تصنعن لنفسـك معبرا على النهر ثم تجاهد بعد ذلك لتجمع أجره .


20‏/12‏/2009

من دفتر اليوميات

(39)

فرائض
ــــــــــ

هو شخص دمث ، مهنى من الدرجة الأولى ، لجأت إليه طلبا للمسـاعدة فى أمر ذى صلة بمهنته ، كنت قلقا ومضطربا فهدأنى وحدد لى موعدا نلتقى فيه ليصحبنى فى إنهاء تلك الحاجة .
لم يحضر فى الموعد الذى حدده . قلقت . اتصلت به فى اليوم التالى للاطمئنان واستيضاحا للأمر ، اعتذر للانشـغال وحدد لى موعدا آخر ، رجوته ألا يُخلِف الميعاد .
لم يحضر فى الموعد الذى حدده للمرة الثانية ، تألمت وأصابنى الإحباط .
قابلت أخاه فى الأسبوع التالى فأخبرنى فرحا بأنه سافر لأداء فريضة الحج .

16‏/12‏/2009

الحانة

(38)

تَمورُ الخمورُ بكل المعانى
بنور ِ الرؤى
وانفلاتِ اليقين .
لكل ِ مقام ٍ كئوس
ففرحة ُ كأس ِ اللقاء ِ بريقٌ
بلحظة ِ قرع ِ الكئوس
وكأس ُ الوداع ِ كئودٌ حزين.
وللخمر ِ أحوالُ فى كل حين
إذا أ ُصر ِفت تتهادى إليك رسـوخا ً
وتقبل ُ منك التحدى
بصدر ٍ حنون
إذا أنت مازجتها تتسـامى إليك شـذى الياسـمين
بحاناتها يسـتوى الشـَربُ ، لافرق إلا بحس ِ التنادُم ِ
بين النديم ِ وبين النديم
هنا يتسـاوى الجميع
فسـحرُ الخمور ِ مَخاضٌ لوحدة حاناتها فى الزمان
وألفةِ أبنائها فى المكان .
لحانة ِ بلدتنا مدخل ٌ لايراه سـوى من يريد
رقيق ٌ خجولٌ حنونٌ فريد
فمنه الولوج انتهاءٌ لحال
وأيضاً بداية ُ حال
وأشـعرُ عند الدخول ِ بألفةِ ذاك المكان
وألفة طاولتى بجوار ِ الجدار
فأقصدُ مقعدها المترقبنى باشـتياق ٍ حميم
أرَبِّتُ ظهره
وأنفضُ عنه اشـتياقَ اللقاء
هنا يتبدد تيه النهار
هنا ...بعد طول ِ انتظار
وبعد ضياع ِ السـكينةِ منا
فنبدأ أول كأس ٍ ويشـدَهـُنا الانبهار
نسـامق أعلى الذرى ثم نعلو السـحاب
نجاوزه فى تسـام ٍ شـفيف
هنا تتجلى الحقائق دون سـتور
هنا تنجلى العتمات
وتنفتح ُ العتبات
لكى يتلاشـى بلحظة كشـف ٍ
سـطوحُ المرايا
وبرد ُ القصور .

نـعـيـم صـبـرى
قصيدة لم تنشـر.

14‏/12‏/2009

يوميات طفل قديم (7) - (8)


(37)

(7)
تعمل أمى بوزارة الشئون الاجتماعية كإخصائية اجتماعية صباحاً. بعد الظهر كانت تؤدى عملاً تطوعياً بجمعية الهلال الأحمر نظير مرتب رمزى.
كنت أحب الذهاب معها عندما توافق على ذلك. المبنى متسع ومَهيب. ممرات طويلة وغرف مغلقة. حديقة واسعة وسيارات جميلة. هذه سيارة علية هانم البيضاء، سيارة ﭽـنان هانم الشواربى كانت سوداء، أما روحية هانم فكانت سيارتها خضراء... قالوا لى ليست خضراء ولكنها زيتية، أى الألوان سأفضل لسيارتى، الحقيقة سيارة ﭽـنان هانم الشواربى السوداء، فيها احترام وعظمة، أما سيارة علية هانم البيضاء فتوحى بالتألق والترفع والبهجة. السيارة الخضراء أو الزيتية ليس لها أى معنى. أحببت البيضاء.

(8)
الاتحاد والنظام والعمل. كل الناس تتكلم عن هذا الموضوع. اليوم سمعت أغنية تقول فى آخرها... "بالاتحادِ والنظامِ والعمل". لم أفهم كل هذه الضجة.

من كتاب "يوميات طفل قديم" . ذكريات طفولة.

01‏/12‏/2009

المتسـول

(35)

أخرجُ من نومى كل صباح ٍ مجتهداً
أن أبرأ من سـَقـَـمى
أسـتجمعُ عاهاتى قبل شـروعى فى الترحال
أسـتفتح ُ بالله ِ وأنتخبُ طريقـًا عَفـَويـًا
أتخـَيَرُ ركنـًا منزويـًا
كى يسـترَنى من زيفِ الإحسـان
تتصارعُ عاهاتى فأمـُدُ يدى
أبسـُطُ كفى للرائح ِ والغادى
يـُتلِفـُنى الإعياءُ فأسـحَبـُه
ليعودَ إلىَّ كسـيفـًا
يجمحُ منى وجدى المهزومُ إلى المجهول
ويعودُ خجولاً منكسـِرًا
أنـّى للوجدِ من الحضن ِ الدافئ
من ثدى ٍ يحتشدُ لإرضاع ٍ موفور
من جسـد ٍ يسـتسـلم ُ للإخصاب ِ بلا خجل ٍ
ومسـام ٍ تتفتح ُ وتثور
أنـّى للوجد من الفعل
أنـّى للوجد ِ من القول
أرقى مـِنبـَرَ أفكارى لأؤمَ النفس
تصطك ُ الكلماتُ بجوفى
تتدافع ُ كى تنطلق َ من الشـفتين
تتهاوى عجزًا وتموت
أتذرعُ بالصمت
أيأسُ من شـُح الجود
فألملمُ إخفاقى
وأصارعُ أشـواقى
وأغادرُ ركنى .....لأعود

نـعـيـم صـبـرى
نـُشـِرت كمـُفتتح لرواية "الحى السـابع" .