05‏/01‏/2011

شبرا

(58)

(1)
ما أرحب هذا العالم الذي نعيش فيه، وما أدقه. اتساع لا نهائي من المجرات والأنجم، التي تتراقص الكواكب حولها وهي تدور حول نفسها، بإيقاعات مهيبة محسوبة لا تحيد.
عالم دقيق، في مستوياته اللامتناهية، والمتناهية، في مجراته وذراته، كياناته وخلاياه. دقيق... ورحب.
في هذا العالم الرحب، يقع حي شبرا، بمدينة القاهرة، بمصر المحروسة، بأقصى الشمال من القارة الإفريقية المترامية، عند لقاءها مع قارة آسيا، والبحرين؛ الأبيض والأحمر.
حي محدود في مدينة تاريخية عريقة، لكنه يمتلك رحابة متميزة من نوع خاص؛ رحابة الصدر. حي ذو صدر رحب يتسع للجميع كما سوف نرى؛ يتسع لي ولك... وللآخرين جميعاً.
يتحدثون الآن عن الآخر، وقبول الآخر... أي آخر؟!... لم يكن الآخر ذا وجود من الأساس، لم يكن معنى مُدركاً في الوعي الجمعي. يتحدثون عن قبول الآخر، وكأنه طلب عزيز المنال في أيامنا هذه، لكن ذلك حدث ببساطة فيما مضى، وكان يحدث كل يوم بتلقائية وسلاسة.
لا يهم من تكون؟... من أي الأعراق؟... من أي الأديان؟... بأي لغة تتكلم؟. المهم... أنك موجود... تعيش في حي شبرا آمنا مطمئنًا... تولد وتشب. تحب وتتزوج... تنجب الذرية... تربي الأبناء... يشب الأبناء ويعاودون الدورة، ثم ترحل في الأجل المحتوم.

افتتاحية رواية شبرا
نعيم صبرى