20‏/10‏/2009

قصيدة إيزيس

(26)


ولكم تغرينى كلَّ صباحٍ، كلَّ صباحْ
ولكم تغرينى كلَّ مساءْ
في ضوء شعاع السَحَرِ الناهض، راحت
تسري موجةُ سِحرٍ، رعشةُ حُلمٍ، دفقةُ
أنثى، أنَّةُ آهٍ، فارت ثم توارت في
سرادبِ الجسدِ الوسنانْ.
قهر النومُ الصحوَ المتثائبَ والكسلان
لفحتنى أنفاسُ حرّى
ورأيتُ ذراعين لأعلى، فإذا بهما دلتا نهرٍ
في وجداني الظمآنْ
فعببتُ الماء عجولاً حتى أُروى
ورأيتُ اللؤلؤَ فوق جبينٍ نعسانْ
أنفاسُ حرّى
ظمأ يُروى
وأنا... وأنا مفتونُ بالإغراءِ وبالأشجانْ
أشجانُ ترحلُ، تأتي، ترحلُ، تأتى...
أشجانْ
مأخوذاً أخرجُ حيثُ الفجرُ وحيثُ اللونُ
الفضةُ والآفاقُ الورديةُ فوق جبينِ
الكونْ
أتجولُ في شريانٍ يدخلُ في شريانْ
أتسمعُ نبضَ القلبِ النائمِ، نبضَ القلبِ
المُرْهَقِ من إجهادِ الخفقانْ
أتسمعُ بعضَ نحيبٍ يأتي من أزمانٍ
ضاعت في النسيانْ
من أسمعُ!.. لا
إيزيسْ
اختلط الأمرُ عليّ
* * *
تُغرينى تلك الأنثى كلَّ مساءْ
تتزينُ بالألوانِ وبالأضواءْ
وتصفف شعراً كالليل المنسابِ على الأحياءْ
تتعطرُ فُلاّ ونبيذاً
ودُخانَ شواءْ
فيسيلُ لعابى
وصوابى
أفتحُ أبوابى
وأهيمُ على طُرقاتِ الشَعرِ الحالك قبلَ
ظهورِ القمرِ الوضّاءْ
أتصببُ عَرَقاً
أنداءْ
أتسمعُ بعضَ نحيبٍ يأتي من أحشاءِ
الليلْ
من أسمعُ؟!... لا
إيزيسُ هناكْ
* * *
ولكم تُغرينى تلك الأنثى كلَّ خريفْ
تتساقطُ أوراقُ الأشجار
تتعرى
أتعرى
أتسمعُ ذاكَ الصوتْ
من أسمعُ؟.. لا
إيزيسْ
في كلِّ شتاءْ
ينهمرُ عليها الماءْ
يغسلها
تشعرُ بالرعشةِ من عنفِ البردِ القارسْ
تأتي نحوى
تقفزُ في حضنى
تلثمنى
أتصببُ عرقاً
أنداءً
أتسمعُ أيضاً ذاكَ الصوتْ
يختنقُ الدمعُ بأحداقى
فأضمُ الصوت الآتى من أزمانِ البُعدِ
هناكْ
وتنوحُ بصدرى إيزيسْ
* * *
ولكم تغرينى حقاً كلَّ ربيعْ
تورقُ أشجارُ التوتِ وكلُّ نخيلِ الوادي
والصحراءْ
تورقُ فيها الأنثى ألواناً من إغراءْ
فأذوبُ حناناً.. وهيُاماً
وأفكرُ ماذا أفعلُ كي أمتزجَ ببهجتها
كي أمسحَ دمعتها
أتحرقُ شوقاً للآتي
أخطبها من أوزيريس
يمنحني إياها
يوصينى
أن أرعاها
حين يموتْ

نـعـيـم صـبـرى . من ديوان حديث الكائنات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق